رؤية شبكة إيمان والتهديد العالمي للتطرف

محمد هنيدي - مدير شبكة إيمان

إنَّ من أبرز أهداف شبكة إيمان هو تعزيز مبدأ الحوار المفتوح، القائم على الشفافية، بين الجمهور وصُنَّاع القرار كمَا الأكاديميين ووسائل الإعلام، لنشر الوعي حول مخاطر انتشار ظاهرة التطرف العنيف في مُعظم دول العالم. ليس بالأمر الخفي أن خطاب الكراهية من قِبل بعض الدعاة المتطرفين والنشطاء الأصوليين يُعد من الأسباب الرئيسية خلف انحدار الأفراد والمجتمعات الى مُستنقع التطرف القائم على الأيديولوجيات المتشددة والمفاهيم الخاطئة للدين

يعرّف قاموس أكسفورد مفهوم خطاب الكراهية على أنه أي كلام أو كتابة مسيئة أو مهددة، تعبر عن التحيز ضد مجموعة معينة على أساس العرق أو الدين أو التوجه الجنسي. إضافةً، تُعرِّف الأمم المتحدة خطاب الكراهية على أنه أي نوع من الكلام أو السلوك الهجومي الموجه تجاه شخص أو مجموعة بناءً على دينهم أو عرقهم، جنسيتهم أو جنسهم، لونهم أو نسبهم

تتجلى أيديولوجية التطرف بأشكال مختلفة تتناسب مع ظرف الزمان والمكان، سواء كان ذلك من خلال تفوق الجماعات الإسلامية كما شاهدنا مؤخَّرًا في أفغانستان، أو أيديولوجية التفوق العرقي الأبيض الحاضرة بقوة على الساحة الأمريكية، أو القومية الهندوسية في أجزاء كبيرة من قارة آسيا، أو غيرها من الحركات الدينية والأيديولوجية المتشددة. إن هذه الأيديولوجيات في حالة صدام دائم بين بعضها البعض، الأمر الذي يُشكل حالة من عدم التوازن في التفكير الوسطي الليبرالي. فإن الإسلاميون ومن يقفون خلف ظاهرة كراهية الأجانب، بما في ذلك المتطرفون اليمينيون والمتفوقون البيض، وجهان لعملة واحدة، حيثُ يخوض كلٌ منهم معركة "وجودية" ضد الآخر، من منطلق وجودي بأنَّ السبيل الوحيد للقَضاء على "الطرف الآخر" هو باتحاد القِوى تحت رايات أيديولوجيَّاتهِم المتطرفة

ركَّز الخطاب خلال العقدَين الماضيَين بالدرجة الأولى على التطرف الإسلامي، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى هجمات ١١ سبتمبر ٢٠٠١، ثُم الأحداث العالمية التي تلت ذلك. أصبح بعد ذلك التطرف الإسلامي والإرهاب في حالة صعود دائم من خلال نشاطات الحركات السلفية كالإخوان المسلمين التي تقوم بنشر التفسيرات الخاطئة حول ما يتضمَّنه الدين الإسلامي من مبادئ سمحة ومعتقدات. هذه المنظمات الإرهابية ليست مُوحَّدة تحت راية واحدة، فلكل منها أيديولوجيتها ومصالحها السياسية وطموحاتها الجيوسياسية. على الرغم من عداوتهم العلانية لبعضهم البعض، إلَّا أن لديهم قاسم مشترك وهو أنهم إما يسعون إلى فرض أيديولوجيتهم المتزمتة على الآخرين من خلال فرض سيطرتهم عليهم، أو استخدام الدين كذريعة لتبرير هجماتهم على من يعتبرونهم أعداء لهم

ليس فقط التطرف الإسلامي هو ما يزعزع استقرار الدول اليوم، بل أصبحنا نشهد، ومنذ أكثر من عامين، تحوُّلًا دراماتيكيًّا في السياسات اليمينية والقومية المتطرفة. والدليل على ذلك، هو الكلام الذي صرَّح به كل من المدَّعي العام الأمريكي ميريك جارلاند ووزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس أمام أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي والذي تضمَّن تحذيرًا واضحًا بأن التهديد الأكبر الذي يواجه الولايات المتحدة الأمريكية يأتي من "المتطرفين بدوافع عنصرية أو عرقية، وتحديداً أولئك الذين يدافعون عن تفوق العرق الأبيض." إضافة الى ذلك، فقد لقي ١٥ أمريكيًا حتفهم في ٢٠١٨ على أيدي متطرفين يمينيين، بينما قَتلت الجماعات الجهادية شخصًا واحدًا فقط. أمَّا بين عامَي ٢٠٠٩ و ٢٠١٨، فقد كان للمتطرفين اليمينيين نصيب الأسد من نسبة الوفيات المرتبطة بالتطرف، حيث بلغت ٧٣٪ من إجمالي الحالات، ولدينا بالمقابل ٢٣٪ من اجمالي الحالات المرتبطة بالتطرف الإسلامي، ومع ذلك، لا يزال التطرف الإسلامي يحظى بالنسبة الأعلى من إهتمام وسائل الإعلام الأمريكية، مقارنة بباقي الأيديولوجيات والحركات المتطرفة في العالم

أمَّا في الشرق الأوسط، مَعقل الإسلاميين، فيتخذ الإسلاميون فيه أشكالًا متعددة، سواء كانت أحزابًا سياسية أو جماعات إرهابية تسعى إلى تفكيك الدول القومية وتفاقم حالة عدم الإستقرار وفرض تفسيرهم المتشدد والمتطرف للإسلام على المجتمعات المتواجدين بها. وفي قارة آسيا، وفي الهند بالتحديد، فقد برزت النزعة القومية المفرطة من خلال فِكر "هندوتفا" القائم على الإرهاب، مع استهداف الهندوس اليميني المتطرف للأقليات المسلمة بالدرجة الأولى، ثم أقليَّات الأديان الأخرى كالمسيحية.

بناء على كل ما سبق، فإننا في شبكة إيمان نعمل جاهدين على مكافحة هذه الأيديولوجيات المتطرفة والتأكيد على أهمية التنوع الثقافي القائم على مبدأ الإحترام المتبادل والمساواة في الحقوق والواجبات، من خلال تقديم أدلة ومراجع واضحة وموثوقة حول أفراد ومنظمات متطرفة منخرطة في نشر خطاب الكراهية والخطاب الانقسامي وتوجيه الدعوات المفتوحة لإشعال الفتن وفتيل الحروب بين شعوب الأرض وتشويه سمعة المجتمعات المناهضة لهم. ولدينا إيمان راسخ بأهمية تضافر الجهود للدفاع عن القيم الليبرالية والحريات العامة، والنضال من أجل نشر قيم الاعتدال والتسامح والشمولية والتنوع الثقافي. كما ونُنَوِّه الى أن شبكة إيمان لا تستهدف أي دولة أو حكومة بعينها، بل تضع تركيزها على جميع الأديان والأيديولوجيات

Previous
Previous

A Tale of Two Extremes: Islamist Extremism & Far-Right Fascism

Next
Next

EMAN’s Vision and the Global Threat of Extremism